مقامة المقهى

حَدَّثَ صَدَّاحُ الصَّاحي ، اِبْنُ سَناءِ الْمِصْباحِ ، ذُو الْفِكْرِ الَّلمَّاحِ
وَالْقَلَمِ الْجَرَّاحِ،قالَ:بَيْنَما أَنا فِي الْمَسيرِ ، وَالدَّرْبِ الْيَسيرِ
وَالْعَسيرِ ، أَقْطَعُ الَّليْلَ مَوْصولاًبِالصُّبْحِ الْجَهيرِ ، فِي بِداياتِ
الْقَرْنِ الْمَقْرونِ ، بِسابِقِهِ الْمَدْفونِ ، وَالطَّقْسُ صَيْفٌ يَشْوي كَالْفُرْنِ ،
مَرَرْتُ بِواحاتِ الْجَزيرَهْ ، زادَها الْمَوْلَى كُلَّ عِزِّ ، وَكَثَّرَ فيها الْخَيْرَ
وَالْبَرَكَةَوَالْمِيرَهْ ، وَسَقاها صَوْبُ غَمامِ الْأَدَبْ ، وَرَواها سَلْسَبيلُ بَيانِ
الْعَرَبْ ، وَرُحْتُ أَيُّها السَّادَةُ الْكِرامْ ، أَهْلَ الْقَدْرِ
وَالْاِحْتِرامْ ، وَأَيَّتُها السَّيِّداتْ ، الْمُهَذَّباتُ الْمُبَجَّلاتْ ، أَطوفُ
عَلَيْها واحَةً واحَهْ ، طَمَعًا بِالْهُدوءِ وَالرَّاحَهْ ، وَمايَزيدُ فِي
الصَّدْرِ انْشِراحَهْ ، وَما زِلْتُ أَبْحَثُ وَأُفَتِّشْ ، وَأَمْشي
وَأُقَطِّشْ ، مِثْلَالْمَراكِبِ الْعَتيقَهْ ، الَّتِي يَجِبُ الْاِحْسانُ إِلَيْها
، إِشْفاقًا عَلَيْها ، بِاِدْخالِها الْحَريقَهْ ، حَتَّى بَصُرْتُمِنْ بَعيدْ ، بِلَآلِئٍ
وَعُقودْ ، تُضيءُ الدُّجى ، فَعَلِمْتُ أَنَّ الْأَمَلَ فيها يُرْتَجى ، فَعَجِلْتُ
الْخُطى إِلَيْها ، لِلْوُفودِ عَلَيْها ، وَما زِلْتُ حَتَّى انْكَشَفَتْ مَداخِلُها ،
فَإِذا هِيَ كَما قالَ قائِلُها:
للهِ دَرُّكِ أَبْياتًا لِمَكْرُمَةٍ = فِي الْبيدِ قَدْ رُفِعَتْ بِالْعِزِّ وَالْكَرَمِ
فيكِ الْبَلاغَةُ قَدْ فاضَ الْيَراعُ بِها = وَالْحَقُّ مَنْهَجُها مَنْ يَأْتِ يَغْتَنِمِ

==========
طَرَقْتُ الْبابَ كَيْ يُؤْذَنَ لِي ، فَإِذا بِالْبابِ قَدِ انْفَتَحَ لِي ، دَلَفْتُ
إِلَى الدَّاخِلِ،مِثْلِي كَأَيِّ داخِلِ ، وَما زِلْتُ أَطوفْ ، وَأَجْنِي
أَشْهى قُطوفْ ، مِنْ لُبابِ الْأَلْبابِ،وَفاكِهَةِ الْيَراعَةِ لا التُّرابِ
، حَتَّى وَقَفْتُ عَلى كُلِّ الْجَوانِبِ وَالْمَراتِبِ ، وَاطَّلَعْتُعَلى
حُسْنِ الْآدابِ وَالْمَآدِبِ ، وَانْشَرَحَ صَدْري ، وَتَفَتَّقَ فِكْري ،
عَنْ شِعْرٍ يَليقُبِالْمَكانِ وَأَهْلِهِ ، يَسُرُّ الذَّكِيَّ وَيَغيظُ الْمُتَرَدِّي
فِي جَهْلِهِ ، وَكانَ مِمَّا قُلْتُ، وَأَلَّفْتُ وَنَظَمْتُ ، سِيَّداتِي وَسادَتِي ،
وَرَأْسي لَدى الْحاسوبِ لا عَلَى وِسادَتِي،

دَوْحٌ ظَليلٌ جِئْتُهُ ،أَلْفَيْتُهُ = قَدْ حَلَّ ذِرْوَةَ هامَةِ الْعَلْياءِ
يَحْوي مِنَ الْأُدَباءِ كُلَّ مُفَلِّقٍ = يَجْري مَعَ الْاِبْداعِ دونَ عَياءِ
يُهْديكَ مِنْ رَوْضِ الْجَمالِ أَزاهِرًا = عَبَقَتْ بِعِطْرِ الْحَرْفِ وَالْبُلَغاءِ
فَاسْمَعْ نَصيحَةَ عارِفٍ ذي خِبْرَةٍ = مَقْهاكَ فَارْبَعْ تَحْظَ بِالنُّجَباءِ

=========

وَبَيْنَما أَنا فِي الْعَذْبِ ، أَطوفُ مِنْ جَنْبٍ إِلَى جَنْبِ ، أُمَتِّعُ
بِالْحُروفِ عُيونِي ، وَيُنْعِشُ الرُّوحَ فَيْضُ شُجونِ ، وَكُنْتُ مَعَ
الْحُروفِ سارِحَا ، مُغَرِّدًامَعَ الْأَلْحانِ صادِحَا ، سَمِعَتْ وَقْعَ
خُطايَ شاعِرَهْ ، مُبْدِعَةٌ وَماهِرَهْ ، لَمْ يُعْيِهافِي الشِّعْرِ مَعْنَى ،
وَلَمْ يُلْهِها عَنِ الْأَعْلَى الْأَدْنَى ، فَصاحَتْ بِمَنْ حَضَرْ ، مِنَ الْبيدِ
وَالْحَضَرْ ، مِنْ يَوْمِنا إِلَى مُضَرْ ، وَبِالْمُفيدِ الْمُخْتَصَرْ ، صاحَتْ هَلُمُّوا
فَقَدْ حَضَرْ ، فَقُلْتُ يا مَحْمودُ ، لَمْ تَخْفَيا مَجْهودُ ، عَرَفوكَ
سَريعَا ، فَاهْرُبْ قَبْلَ أَنْ تُلْقى صَريعَا ، وَرَكَضْتُ صَوْبَ الْبابِ،
فَأَوْصَدَتْهُ بِالْآدابِ ، وَالزَّهْرِ وَالْأَطْيابِ ، وَاسْتَعْدَتِ الْجَميعْ ،
بِكُلِّ حَرْفٍ بَهِيٍّ رَفيعْ ، فَعَلِمْتُ أَنْ لا مَجالْ ، لِلْفِرارِ
وَالْاِنْتِقالْ ، وَقُلْتُ مِنْ ساعَتِها ، أَبْياتًا بِجُمْلَتِها :

أَيا حُسْنُ أُهْديكِ الْحُروفَ قَصيدَا = تَضَوَّعَ نَدًّا وَاسْتَحالَ عُقودَا
تَليقُ بِمَنْ تاجَ الْمَكارِمِ أُلْبِسَتْ = وَمَنْ غَزَلَتْ حَرْفَ الْجَمالِ بُرودُا
وَلَيْسَتْ حُروفِي إِنْ سَأَلْتِ مَدائِحًا = فَما كُنْتُ مَدَّاحًا وَلَسْتُ مُجيدَا
سِوَى الْحَقِّ لَمْ أَخْتَرْ سِواهُ مَسالِكًا = وَلَسْتُ إِلَى شِعْرِ الْمَديحِ مُريدَا

=======
وَبَعْدَما فَرَغْتُ مِنْ شِعْري ، وَسَلَّمْتُ لِلرَّحْمنِ أَمْري ، يا سادَتِي
الْأَفاضِلْ ، وَفُرْسانَالْمَعاقِلْ ، غَزانِي النُّعاسْ ، وَغَمْغَمَ الْأَنْفاسْ ،
وَلَمْ يَدَعْنِي وَالْمَقامَهْ ، وَلا أَبْدى لِلرَّحيلِ عَلامَهْ ، فَاسْتَسْلَمْتُ
لِأَحْكامِهِ ، وَأَنْصَتُّ لِفَحْوى كَلامِهِ ، قالَ اَغْلِقِ الْمَلَفَّ وَالْمَكْتوبْ
، وَاَطْفِئِالْحاسوبْ ، وَلا تُعانِدْنِي بِالرَّدِّ ، كَيْ لا تَنامَ فِي
الْبَرْدِ ، بِلا فَرْشَةٍ وَلا لِحافْ ، فَقُمْ حانَ الْاِنْصِرافْ ، فَقُلْتُ لَبَّيْكَ
لَبَّيْكْ ، كُلِّي طَوْعَ يَدَيْكْ ، وَأَقْفَلْتُ حاسوبِي فَوْرَا ، وَكَمْ سامَنِي
النُّعاسُ جَوْرَا ، وَمَضَيْتُ إِلَى فِراشِي ، وَالنُّعاسُ يُرَفْرِفُ فَوْقِي
كَالْفَراشِ ، لا بَلْ يَفْتَحُ شِدْقَيْهِ كَالْخَفَّاشِ ، وَأَضْمَرْتُ لِلنُّعاسِ شَرًّا ،
وَقُلْتُ أَجْزيهِ ضُرًّا ، لِما يَفْعَلُ بِي كُلَّ يَوْمِ ، يَأْتِينِي وَيَسوقُنِي

لِلنَّوْمِ ، وَتُلْهِبُنِي سِياطُ جُنودِهْ ، كَأَنَّنِي الْآبِقُ مِنْ عَبيدِهْ ،

وَما إِنْ خَطَرَتْ بِبالِي الْفِكْرَهْ ، حَتَّى لَسَعَتْنِي مِنْهُ جَمْرَهْ ،

سَقَطْتُ عَلَى الْفِراشِ طَريِحَا ، وَشَرِبْتُ النَّوْمَ كَأْسًا صَريِحَا ،
وَكانَتْ تِلْكَ خاتِمَةُ الْمَقامَةْ ،
وَالدُّعاءُ لَكُمْ بطولِ ِالسَّلامَهْ،

من طرف **نورس** الجمعة يناير 01, 2010 12:41 am

والدعاااء لك ايضاا بطول السلااامه

يشرقني وضع بصمتي عند كلاامك الجميل

بصرااحه الطرح قمه + ذووق + احسااس + شعور كله صدق وامانه

ما اقوول الا دووم تبقى متألق يا اروع شااعر وعسانا نستفيد منكـ
مقامة المقهى Ta7a_05